تجاوز المحتوى

ماذا تعلمت من كتابة 100 مقال مع حسوب؟

الكنز في الرحلة، ويا لسعادتي عند الوصول إلى نقطة فاصلة في هذه الرحلة، وأنا قد حصدت منها كنوزًا لا تُعد ولا تُحصى. من أهم هذه اللحظات بالنسبة لي هي وصولي لكتابة 100 مقال مع حسوب. في هذه التدوينة أشارك معكم ما تعلمته من هذه الرحلة.

لماذا أؤمن بحسوب؟

حسوب هي شركة تقنية مهمتها الأساسية هي “تطوير العالم العربي” كما ستجد عند دخولك إلى موقعهم. تبني الشركة منتجات متنوعة، أو تستثمر في شراء منتجات قائمة فعلًا لاستخدامها في تنفيذ رؤيتها.

اعتدت عند ذكري لاسم حسوب ألّا يعلمه الناس بسهولة، لكن مجرد الحديث عن أنّها الشركة التي تملك موقعي مستقل وخمسات، وهما من كُبرى مواقع العمل الحر في الوطن العربي، أجد أغلب من له علاقة بالمجال يعرفونهما.

يعود سر إيماني بحسوب لعدة أسباب:

1. العمل في صمت

الشركة تعمل في صمت لتنفيذ الرسالة التي تؤمن بها، دون ضجيج أو مبالغة. لن تقرأ آلاف المنشورات التي تتحدث عن إنجازات الشركة، وهي إنجازات كثيرة في تقديري، بل على الأغلب تهتم الشركة بفرص التطوير دائمًا وجمع الملاحظات والاستماع للنقد للاستفادة منه.

2. تقدير الشركة للعاملين

عملت مع حسوب في عدة مسئوليات خلال وجودي معهم من 2020، ولكن الشيء المشترك بالنسبة لي هو تقدير الشركة للعاملين بها، وهنا أتحدث عن التقدير بأشكاله المختلفة. والأهم من ذلك أنّك ستجد الحرص على تطوير العاملين دائمًا.

لا يعني ذلك أنّ بيئة العمل ستكون متساهلة، بل هي ملزمة لك، وإذا كنت عامل حر فالتزامك معتمد على ما تحدده أنت لنفسك. أشكر صديقي محمد الجاويش على هذا الأمر فعلًا، فهو يعلمني ضرورة الحفاظ على الالتزام، مع إتاحة فرص التطور.

3. الاستمرارية في البناء والتطوير

استمرارية الشركة واستثمارها في بناء وتطوير منتجات جديدة، وعدم الاكتفاء بالعمل في مساحة واحدة.

وهذه النقطة الأخيرة تحديدًا أعلم أنّ البعض لا يؤمن بها، لكنك ستجد تفسير مؤسس حسوب عبد المهيمن الآغا للأمر، في واحدة من تدويناته على موقعه الإلكتروني: 1 + 1 != 2

ملاحظة: مدونة عبد المهيمن الآغا وحدها مليئة بالمحتوى الملهم. قرأت جميع تدويناته وفادتني كثيرًا، وواحدة منها ألهمتني بكتابة جزء أساسي من مقال سابق لي مع حسوب.

4. إثراء المحتوى العربي

عندما ننظر إلى المحتوى العربي سنلاحظ فارق الجودة الرهيب بينه وبين المحتوى الأجنبي. لذا، واحدة من أهم رسائلي في الكتابة هي العمل على إثراء المحتوى العربي، ولا شك أنّ حسوب وفّرت لي هذه الفرصة باستمرار، فنحن نكتب محتوى بمعايير معينة، ونسعى لتحقيق جودة عالية في كل مقال.

لذلك مهما كانت ظروفي فأنا لا أتوقف عن عملي مع حسوب، أقلل إنتاجيتي لتلائم ظروفي، لكن أحافظ على الكتابة هناك، فأنا أؤمن برسالة الشركة وسأظل كذلك دائمًا.

ماذا تعلمت من كتابة 100 مقال مع حسوب؟

بالطبع كل النقاط الماضية كافية لوصف لماذا أحب حسوب، ولكن الأمر لا ينتهي عند هذه النقطة، فالأهم هو ما الذي تعلمته من تجربة عملي مع حسوب وكتابتي لـ100 مقال؟ وهذا ما تعلمته في نقاط سريعة:

1. جودة المحتوى قبل أي شيء

هي معضلة متشابكة قليلًا، في الصراع ما بين المحتوى والسيو. لحسن الحظ في حسوب ستجد التركيز على العنصر الأكثر أهمية؛ جودة المحتوى وتقديمها على أي شيء.

عندما نكتب مقالًا تكون لدينا بعض الملاحظات أو التعليمات من فريق السيو، ومعها ملاحظة أنّ الأهم هو المحتوى! فإذا كان هناك تعارض بين المحتوى والسيو، فالأولوية للمحتوى.

هل يعني هذا تجاهل السيو؟ إطلاقًا، بل في حسوب ستجد أفضل المقالات المكتوبة بصورة متوافقة مع السيو، وأنا شخصيًا تحسن مستوى كتابتي للمقالات من عملي معهم، فستجد الحرص على أن يخرج المقال متوافقًا مع السيو.

2. الحفاظ على الجودة

في العمل مع حسوب يُطلب منك إنتاجية معينة شهريًا، لكن في الواقع يحدث هذا الأمر بالاتفاق معك، لماذا؟ ما تعلمته أنا من تجربتي أن ذلك لضمان قدرتك على إنتاج المحتوى بالجودة المنتظرة، فنحن سنعمل على المقال ونجري تعديلات عليه حتى يصل إلى أفضل نسخة ممكنة.

لذا، لا مجال للشعور أبدًا بأنّه يمكن مثلًا كتابة هذا المقال بجودة منخفضة وسيمر الأمر، بل إذا حدث ذلك ستجد ملاحظات عديدة على محتواك، وسيُطلب منك إعادة العمل على المقال مرة أخرى.

لذا، إجمالًا عندما أنظر إلى الـ100 مقال، أجد مستوى ثابت من الجودة في هذه المقالات، وفي كل مقال أنا ملتزم بمسألة الجودة باستمرار.

3. العمل في السيو هو عمل جماعي استراتيجي

ببساطة من الشائع أن ترى فرص عمل يُطلب فيها كاتب مقالات، وفي الوقت ذاته مسئول عن بحث الكلمات المفتاحية، لماذا هذه مشكلة في تقديري؟ لأنّ السيو في النهاية هو عمل:

  • جماعي: أنت تتولى مسئولية الكتابة، ويوجد متخصص سيو يمارس مهام أخرى مثل بحث الكلمات المفتاحية، وغيرها من المهام الخاصة بالسيو.
  • استراتيجي: اختيار الكلمة المفتاحية ليست هي المهمة الأولى، بل لا بد من وجود استراتيجية كاملة تحرّك الأمر، وتضع معايير واضحة خاصة لمسألة اختيار الكلمات، وتصنّف الكلمات حسب أهميتها للعلامة التجارية.

هذا الأمر وجدته في حسوب، بل إن فهمي له تطور من وجودي معهم، وأصبحت أكثر إدراكًا لقيمة فريق السيو المتخصص، والمهام المختلفة التي يؤديها. وفي النهاية نحن بالفعل نجني ثمار هذه التخصصية، فكما أرى من مقالاتي، النسبة الأكبر منها تظهر في الصفحة الأولى من نتائج البحث.

هذه النقطة تحديدًا هي من أهم ما تعلمته مع حسوب، ولو لم أراها بنفسي لكنت سأعاني كثيرًا في شرحها للآخرين في التدريبات أو النقاشات العامة، ومحاولة إقناعهم أنّ هذا يحدث فعلًا، لأنّ ما يرونه في الواقع مختلف، لكن في النهاية لا يصح إلّا الصحيح.

4. الدور الحقيقي لكتابة المقالات في التسويق بالمحتوى

يمكنك أن تقرأ العديد من المحتوى الذي يتحدث عن استراتيجية التسويق بالمحتوى، وأشكال المحتوى المختلفة التي يمكن استخدامها لتنفيذ هذه الاستراتيجية. لكن الحقيقة أنّ تجربة هذا الأمر في الواقع تختلف تمامًا عن مجرد القراءة النظرية.

لذا، من الأشياء التي تعلمتها مع حسوب عند تجربتها هي إدراكي للدور الحقيقي لكتابة المقالات في التسويق بالمحتوى، وهنا تجاوزنا مسألة الشكل النظري، وذهبنا إلى الشكل التنفيذي، وكيفية صياغة الأفكار لتناسب المرحلة التي نركز عليها في رحلة العميل، وكذلك آلية كتابة الدعوة للإجراء CTA لتشجيع القارئ على اتخاذ الخطوة التي ندعوه إليها، وغيرها من الجوانب المتعلقة بالتسويق بالمحتوى.

5. قيمة المراجعة المتخصصة

أي كاتب يكره التعديلات في لحظة تلقيها، لا شك في ذلك أبدًا! أنا شخصيًا عندما يصل لي إشعار بوجود تعديلات، أشعر بأنني أكره جاويش وأخطط لكيفية الانتقام منه، آسف يا صديقي 😀

لكن عندما أتجاوز هذا الشعور، وأبدأ في قراءة التعليقات التي كتبها على مقالي، وأرى الصورة التي يهدف إليها، سواء كانت هذه التعديلات تحسينات أو إضافات أو حذف وغيرها، وأبدأ في العمل عليها، أجد نفسي أحمد الله كثيرًا على أننا عملنا على هذه التعديلات، ولا أتقبل أبدًا الصورة الأولى التي كان عليها مقالي.

جعلني هذا أدرك كثيرًا قيمة المراجعة، وتحديدًا المراجعة المتخصصة التي تقدم لك تعليقات مفيدة فعلًا، وتوضح لك أهمية هذه التعديلات في تحسين المقال.

6. تحرير المقالات

لم يقتصر عملي مع حسوب على كتابة المقالات فقط، بل حصلت على فرصة للعمل في مهمة إضافية وهي مراجعة المقالات لكتّاب آخرين وتحريرها في صورتها النهائية وتجهيزها للنشر.

بالطبع لم يكن هذا ليحدث سوى بأن أحصل قبلها على تعليقات دقيقة على كل تفصيلة على مقالاتي، حتى أصبحت مدركًا لكل ما يتعلق بكتابة المقالات ومراجعتها، التي أعدها واحدة من أهم المهارات التي اكتسبتها في حياتي المهنية.

بالطبع أتفهم أنّ الكتّاب الذين كنت أراجع لهم مقالات ربما يشعرون بالكراهية نحوي كشعور أول عندما يصل لهم الإشعار بوجود تعديلات، لكن أتمنى أن يكونوا تجاوزوا هذا الأمر سريعًا وأدركوا الفائدة من ورائها 😀 

7. خلق الأفكار

من التحديات الصعبة التي عملت عليها في حسوب، هي أنّه في بعض الأحيان نضع تصورات لأفكار لا يوجد مثيل لها، ولكنها وليدة الإلهام.

السر في ذلك أنه لا توجد مصادر لهذه الأفكار، وهنا تكون المسؤولية أكبر في بناء تصور كامل للفكرة، والبحث عن مصادر تلائم بعض الجزئيات، والاعتماد على خبراتي وخبرات جاويش لكتابة المقال.

تستغرق هذه المقالات عادةً وقت أطول في كتابتها ومراجعتها والعمل على التعديلات، حتى الوصول للصورة الأخيرة. لكن في النهاية تخرج بالشكل المطلوب الحمد لله.

8. العمل في مشروعات متكاملة

الجزئية الأخيرة هي أنني مع حسوب عملت في مشروعات متكاملة، بالطبع لم أكن بمفردي في هذه المشروعات، ولكنها كانت تجربة مختلفة. من هذه المشروعات:

  • سلسلة عن إنشاء الشركات عبر مستقل.
  • سلسلة عن كيفية توظيف المستقلين في الوظائف المختلفة عبر مستقل.

أخيرًا، هذه هي الدروس التي تعلمتها من التجربة، وسيظل شعاري مع حسوب وفي كل فرصة، أهم شيء ألّا نتوقف عن التعلم أبدًا. والحمد لله على كل فرصة نُرزق بها في حياتنا.

Published inرحلة معاذ

2 Comments

  1. وفاء الزغبي وفاء الزغبي

    المقال فيه كم عظمة مش طبيعي اللهم بارك، أنا حبيت حسوب أكتر بسبب المقال .
    شكرًا لمستر معاذ، وشكرًا للديزاينر الجامد.

  2. Rana Rana

    المقال غاية في الروعة، وثري جدا اللهم بارك في الرحلة والخطوات❤️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

© معاذ يوسف 2024