تجاوز المحتوى

رحلة الـ1000 مقال: مشوار الألف الذي بدأ بفراشة!

لقد بلغت 1000 مقالًا. لا أقدر على صياغة عبارة أخرى في مقدمتي، ولا أظن أنني بحاجة إلى المزيد. أهلًا بك صديقي الزائر إذا كنت هنا لمشاركتي السعادة بهذا الإنجاز، وإذا أردت الاحتفاء بي ثم المغادرة، فيكفيني هذا حقًا؛ شكرًا جزيلًا لدعمك.

أمّا إذا قررت الاستمرار في قراءة هذه التدوينة، فهي تهدف إلى الحديث عن أربعة أشياء؛ الأول لماذا بدأت رحلتي في كتابة المقالات؛ الثاني محاولة سرد الرحلة الكاملة منذ البدء وحتى الآن؛ الثالث مشاركة الدروس التي تعلمتها في الرحلة؛ الرابع ما أنوي فعله مستقبلًا. هيا بنا نبدأ؟

أولًا: أثر الفراشة: لماذا بدأ كل شيء؟

مرحبًا بك عزيزي الزائر. أنا معاذ يوسف من محافظة قنا في صعيد مصر. بدأت رحلة الكتابة بعمر الـ14 بكتابات عشوائية تمامًا. في عام 2016 قررت بدء رحلتي الاحترافية لممارسة الكتابة. لماذا بدأت هذه الرحلة؟

رحلة ترك الأثر

أنا أؤمن كثيرًا بترك الأثر، أؤمن أنني يجب أن أتركه في داخلي أولًا قبل أن أوجّهه للعالم. تساعدني الكتابة على تحقيق هذا الأثر كثيرًا، فلا شيء يفوق أثر الكلمة في الأثر؛ تتجسد مكتوبة في المحتوى، وتتجسد منطوقة في التدريبات.

كما أنّ للكتابة متعة لا يعرفها إلا من يجربها حقًا. لذا، لم يكن لديّ أي تصور عندما بدأت إلى أين أنا ذاهب، لم أكن أتصور من الأساس أنّها مع الوقت ستكون مصدر حقيقي للدخل، بل كنت أكتب لأترك أثرًا. سيقولون لك: دعك من كلام التنمية البشرية هذا. لكن الحقيقة أنّ هذه الرسالة التي أؤمن بها في الحياة، ويأمرنا بها الدين أيضًا؛ فالدين هو المرجعية الأهم دائمًا.

لماذا المقالات على بقية أنواع المحتوى؟

أولًا أنا لست كاتب مقالات فقط، لكنّها المساحة الأهم بالنسبة لي. أنا أعمل في كتابة أنواع مختلفة من المحتوى، لكنني أعترف أنني أفضل المقالات، ولها الأولوية في أي فرصةٍ تتاح لي. يمكنني إرجاع ذلك لأمرين:

1. تعبير أكبر من خلال المقالات

بالنسبة لي تتيح المقالات حرية تعبير أكثر في الكتابة عن بقية أنواع المحتوى. في المقالات يمكنك إعداد محتوى بأي عدد ممكن من الكلمات، وهذا لا يعني الحشو على الإطلاق، لكنّه يعني أنّ طبيعة المجال نفسه تتيح الكتابة المطولة.

على الأغلب متوسط المقال هو 1000 كلمة. والفكرة هنا أن ذلك سيتيح لي فرصة تثقيف القارئ حقًا، فأيًا تكن طبيعة الموضوع سأحتاج إلى التطرق لزاويا عديدة، وبالتبعية سيجعلني ذلك قادرًا على إحداث أثر أكبر في حياة قارئي العزيز.

2. رحلة إثراء المحتوى العربي

عندما نتحدث عن المحتوى العربي، يمكننا الإجماع على أنّه محتوى ضعيف حاليًا، وأننا في النهاية نضطر إلى اللجوء للمحتوى الأجنبي. بالنسبة لي لا أحب أبدًا أن أكون من الأشخاص الذين يكتفون بالشكوى من الأوضاع، بل أود أن يكون لي إسهامي الخاص في الرحلة.

لذا، أدركت أنّ عملي في كتابة المقالات سيساعدني على ذلك. لديّ طموح دائم أن أجعل القارئ يبحث عن المحتوى في جوجل باسمي، أو يدخل ليسألني إذا كنت قد كتبت شيئًا في هذا الموضوع قبل ذلك. لأنني أؤمن بأنّ هذه هي رسالتي الأسمى في حياة.

ثانيًا: رحلة الألف مقال: المهم ألّا تتوقف عن الكتابة

بدأت رحلتي في كتابة المقالات من النصف الثاني لعام 2016. كتبت الألف مقال رفقة حوالي 34 موقعًا مختلفًا. بعضها كانت تجارب عابرة في الرحلة، والبعض الآخر أثّر فيّ كثيرًا. بالطبع يستحيل ذكر كل شيء، لكنني سأحرص على مشاركة أبرز المحطات في الرحلة؛ المحطات التي ساعدتني على بناء أثر فراشتي.

إضاءات: إضاءة أولى في الرحلة

في نقاشٍ استمر لفترة من الوقت مع سمر، أخبرتني: “لماذا لا تجرّب مراسلة إضاءات؟”. أخبرتها: “لا أحب الانتظار”. والانتظار بالنسبة لي لعنة حقيقية فعلًا، ستلاقيها كثيرًا عندما تعمل في هذا المجال.

بدأت في أخذ الخطوة، وفعلًا راسلت إضاءات بمقالي الأول “أثر الفراشة: لا يرى.. ولا يزول!”. وكانت تجربتي الأولى المنشورة، وبدأت رحلة من الإضاءات في صحبة هذا الموقع. استمرت كتابتي معهم لفترة من الوقت، لم أكن مهتم في بدايتي بالمقابل المادي، لذا كنت أكتب في باب الرأي، وحافظت على عملي معهم. وسنعود لإضاءات مرة أخرى لاحقًا.

تسعة: الساعات السويسرية ومواعدة فتاة ثرية ومختلفة

أتصفح الفيسبوك كأي يوم آخر، وجدت رابط لملف على جوجل درايف، لشركة معينة تبحث عن كتّاب مقالات. سيكون المقابل المادي لكل 1000 كلمة هو 45 جنيه. يوجد في الملف شرح لتفاصيل العمل، وبريد إلكتروني للشخص المسئول للتواصل. هيا بنا؟

تواصلت معه عبر البريد الإلكتروني، نفذت المقال المطلوب للاختبار، أخبرني أنّه مقبول، وبدأت الرحلة. في التجربة الأولى لي، لم أكن قادرًا على حسم إذا كان سيرسل لي المال حقًا أو لا، لكنني أخبرت نفسي: ما أسوء ما قد يحدث؟ هي تجربة وتعلمت منها أشياءً عدة.

لكنه أرسل لي المال فعلًا، وكان هذا إشعارًا بالنسبة لي أنها فرصة ستستمر لفترة من الوقت. أحد المواقع التي كنت أكتب لها بشكل أساسي مع الشركة هو موقع تسعة، وفي البداية طُلبت مني مقالات بأفكار مختلفة مثل:

  • الساعات السويسرية.
  • كيف تواعد فتاة ثرية؟
  • كيف تواعد فتاة مختلفة؟
  • تحصيل الديون.
  • المتاجرة في الذهب.
  • الإشارات الخفية للفراق.
  • الزراعة في الفضاء.

ما هذه الأفكار؟ كان الأمر مضحكًا في كثير من الأحيان، لكنني قررت أنني سأكتبها! ثم لاحقًا سألت مديري إذا كان يمكنني طرح أفكاري الخاصة، فأجابني أنه يمكنني فعل ذلك.

بالنسبة لي تسعة تجربة فريدة من نوعها، لأنني وإن كنت في البدايات أشعر بالخجل من المقالات التي كتبتها، لكنني لاحقًا أصبحت أراها علامة على ما يجب أن تكون عليه البداية الصحيحة. أن تبدأ لتستثمر الفرصة ليس إلّا. وهذه العناوين تؤكد أنني كنت مستعدًا لكتابة أي شيء، حتى أصل إلى ما أنا عليه الآن.

البحث عن الكتابة مع الجميع لمزيد من الأثر

في هذه الفترة كنت أولّي كتابة المقالات اهتمامًا كبيرًا، ولذلك سعيت للكتابة مع جميع المواقع التي تقابلني في الطريق. آنذاك أدركت أنّ هذا الأمر سيساعدني على نشر الأثر أكثر، وسيثقلني في المجال فعلًا، ويمنحني خبرات واسعة.

راسلت عدة مواقع مختلفة لنشر كتاباتي، ووفقت في الكثير منها بفضل الله مثل: مدونات الجزيرة، ساسة بوست. كانت هذه أسماء لامعة في وقتها، وبالنسبة لي النشر هناك ساعدني في الانتشار.

كثير من تجارب البدايات كانت غير مدفوعة، لكنّها بالنسبة لي كانت خطوة على الطريق، ولم أدع عدم وجود مالي يثنيني عن فكرة الأثر في كل مقال، أو أن أكتب لأنشر فقط. تعلمت من هذه التجارب أنّ ما تزرعه في بدايتك، تحصده في رحلتك.

أراجيك: سأكتب معكم مهما كلّفني الأمر

في 2016 كان نجم أراجيك ساطعًا جدًا كموقع مؤثر في المحتوى العربي، وكنت أؤمن برسالتهم حقًا. بالنسبة لي كنت أدخل على صفحة الموقع وأقول، يومًا سيكون اسمي من بين هؤلاء الكتّاب. راسلت الموقع بمقال، لتصلني رسالة مسجلة أنّه سيتم الرد في خلال 15 يومًا. هل تعرف ما الذي يعنيه هذا لشخص لا ي الانتظار؟

كنت أفتح بريدي كل 5 دقائق تقريبًا، ثم تمر الفترة المحددة دون رد. كررت التجربة ثلاث مرات، وفي كل مرة أحصل على النتيجة ذاتها؛ لا شيء.

لاحقًا في جلسة مع أحد الأصدقاء كنا نتحدث فيها عن أمور عدة من بينها تطرقنا إلى ذكر أراجيك. أخبرتني أنّها قد رأت إعلانًا أنّهم يبحثون عن كاتب. لم تكن لديها أي تفاصيل، وكان هذا خيطٌ بالنسبة لي، قررت أن أستميت في التمسك به مهما تكن صعوبة الأمر.

بحثت كثيرًا على فيسبوك حتى وصلت للإعلان، ثم راسلت الموقع. بعدها تواصلت مع مدير التحرير في أراجيك، الصديق العزيز محمد فضل، الذي كان له دورًا كبيرًا في رحلتي مع الكتابة. أخبرته برغبتي في العمل معهم، وقد كان، وبدأت تجربة من أجمل التجارب في حياتي.

في خلال 9 شهور توزّع عملي بين الكتابة في التعليم وفي القسم العام، وصلت إلى مكانة جيدة جدًا، حتى أنني ترشحت لمنصب تحريري جيد، لكن وقتها مررت بظروفٍ صحية جعلتني أعتذر عن الاستمرار.

زدني: الصدفة التي يقدرها الله لك

وجدت في بريدي رسالة من أحد العملاء، يملك منصة ويرغب في إنشاء محتوى ترويجي لها. كان المطلوب هو كتابة مقالات في مواقع مختلفة، على أن يتضمن الأمر إشارة إلى المنصة وخدماتها. بالطبع لم يكن هذا سهلًا، فلا يمكن الإشارة إلى منصة بشكل تسويقي فج، سيسبب هذا مشكلة بالتأكيد عند النشر، فالحل هنا أن تضعها في إطار من الترشيحات المختلفة.

المشكلة الثانية هي كيف سأكتب عدة مقالات تتناول الأمر ذاته؟ وقتها لم تكن لديّ الخبرة الكافية لفعل ذلك، لكنني أحببت التجربة والمحاولة. بالفعل بدأت في الكتابة، وبحثت عن المواقع التي يمكنني الاعتماد عليها لأكتب معها، إذ كان الاتفاق كلّما كتبت مع مواقع أكثر، سيعني ذلك الحصول على مقابل مادي أكبر.

كنت أبحث عن المواقع التعليمية فقابلتني منصة زدني. تواصلت معهم بالمقال، ليقبلوا نشره وعرفت أنّهم يقدمون مقابل مادي أكبر من ذلك الذي سأحصل عليه من العميل أصلًا. هل تتذكر مشهد محمد هنيدي في فيلم “وش إجرام” عندما قال له “أنت عارف الأستاذ ده جاي يودع كام؟”، ليكتشف أنّ هناك من هم أعلى منه.

حسنًا، كان هذا شعوري وقتها، لكنني بالطبع لم أترك العميل. لكن قررت أن أوجّه تركيزي لزدني للعمل معهم في مساحة التعليم. كانت لديّ خبرة جيدة من الكتابة مع أراجيك، وبالتالي سهّل ذلك عليّ الأمر، وفعلًا بدأت في الكتابة، وعملت معهم لفترة من الوقت.

إضاءات: الإضاءة التي أنارت حياتي للأبد

نحن يجب أن نحمل الود نحو من يستحقونه دائمًا، هذا ما أؤمن به حقًا، وسيظل إيماني بذلك ما حييت. لذا، في كل مرة سأجدني أتذكر فضل إضاءات عليّ في الرحلة.

إضاءات كانت البداية ونقطة التحرك، وبعد عام من الكتابة دون مقابل مادي، وجدت رسالة من الصديق العزيز أحمد أبو خليل، يخبرني أنه يرغب في التواصل معي. في هذه الأثناء كنت أكتب مقالات عن الأدب والثقافة. تواصلنا معًا، والتقينا في القاهرة عندما أتيحت الفرصة، واتفقنا على أن أعمل معهم كصانع محتوى في مشروعات تابعة لهم.

لم يكن الاتفاق يشمل إضاءات كموقع، لكنه أخبرني بإمكانية كتابة مقالات معهم في قسم “معرفة”. وبدأت رحلتي كصانع محتوى متخصص رفقة إضاءات. بالطبع كانت تجربة المقالات في قسم معرفة معقدة جدًا، لكن الصديق محمود هدهود سهّل الأمر كثيرًا، وإن كنت في داخلي أدرك أنني لن أستمر في هذا القسم.

في 2018 اتفقنا على تحويل سلسلة “دليل الكتابة” التي كانت مقالات منشورة على إضاءات، لتصبح كتاب ننشره بالاسم ذاته. وكان هذا عملي الثاني المنشور ورقيًا.

لا زلت أتذكّر كلمات أبو خليل في حديثٍ جمعنا، عندما قال لي: “أنت من الأشخاص القلائل الذين يمكننا تسميتهم على أنّهم صنّاع محتوى حقًا”. كانت هذه الجملة سببًا كبيرًا في إيماني بالقدرة على إنتاج أي نوع محتوى مهما كان ذلك صعبًا في الواقع.

بعد انتهاء فترة الجيش، كنت في حديث مع صديقة أخبرتني أنّها تسعى لإرسال مقال لإضاءات. وقتها لم أكن أعمل مع الموقع، لكنني عملت معها لتطوير المقال. بعد الانتهاء منه أخبرتني أنّها تفعل ذلك لأنهم أرسلوا لها بوجود فرصة سانحة للعمل معًا من خلال البدء بتدريب.

تواصلت بعدها مع صديقي مهند، وأخبرني بوجود الفرصة فعلًا وانضممت معهم في مرحلة التدريب. ولاحقًا بدأت عملي كمحرر ريادة أعمال رفقة إضاءات. تلك الرحلة الأهم في مسيرتي بعالم الكتابة، إذ تعلمت فيها المزيد عن كتابة التقارير والمقالات الاحترافية، وانتقلت كتابتي إلى مستوى أعلى بفضل الله.

حسوب: أن تعمل مع كيان تؤمن برسالته

التجربة الأخيرة التي سأتحدث عنها هي “حسوب”، الشركة المسئولة عن مواقع “مستقل، خمسات” أشهر مواقع العمل الحر في الوطن العربي. أنا أؤمن برسالة حسوب كثيرًا، والعمل معهم ساعدني جدًا في التطور على مستوى كتابة المقالات، كما أنّه طوّر لدي من مهارة التسويق بالمحتوى.

يطول الحديث عن تجربة حسوب، لأنّ بها دروس فنية مهمة في رأيي لصناع المحتوى، ولربما أعود للحديث عنها في تدوينة أخرى لاحقًا إن شاء الله.

إذا كنت ترغب في قراءة بعضًا من مقالاتي، يمكنك زيارة صفحة المقالات من هنا: قلمي | المقالات

ثالثًا: ما الدروس التي تعلمتها في الرحلة؟

امتلأت الرحلة بدروس بالنسبة لي أعتبرها كنوزًا حقيقية ومبادئ ستعيش معي دائمًا. لا أهدف فقط في هذه التدوينة للاحتفاء بالألف مقال، لكنني أؤمن أيضًا أنّها فرصة طيبة لنتشارك سويًا ما تعلمته. حاولت تلخيص كل هذه الدروس في 22 نقطة، وأتمنى أن تجدها مفيدة بالنسبة لك.

1. توفيق الله قبل أي شيء

دعنا نتفق أن الدرس الأهم في كل مرة هو أنّنا نتحرك بتوفيق الله قبل أي شيء. مهما بلغت من النجاح، فلا تحاول الاعتقاد أبدًا أنّ ما تفعله لك الفضل فيه أنت، بل الأمر من عند الله.

قد يكون هناك من هو أفضل منك كثيرًا، لكنّ الله اختصك بفرصةٍ ما. لذا، اغتنم ما يمنحه الله لك، ولا تظن أن لك يدٌ في أي شيء، فاسأل الله التوفيق ولا تغتر بأيٍ مما تفعله.

2. ليست الصدفة لكنّه السعي

ربما أقول لنفسي أحيانًا أن هناك أشياءً معينة حصدتها من قبيل الصدفة، لكن أعود لإيماني بأنّه السعي. وهذا هو التحدي الذي يواجهنا في الرحلة، كيف نبدأ ونحن لا نعرف الطريق؟ وهنا تأتي الإجابة من عند الله، أننا مكلفون بالسعي فقط، والنتيجة بيد الله.

لذا، في كل مرة حدث لي شيء من قبيل الصدفة، أعود لأذكّر نفسي أنّ هذا هو السعي. لا تجلس في انتظار الصدفة التي ستغير حياتك، بل تحرك في طريقك، حتى تسمح لها بالحدوث.

3. افهم لماذا تكتب قبل الكتابة، وأضف قيمة للقارئ في كل مقال

للكتابة غرض ورسالة قبل أن تكون فرصة لحصد المقابل المادي. أنت بحاجة إلى فهم غرضك من الكتابة جيدًا قبل أي تجربة. اتّخذ ذلك منهجًا في إنتاج المحتوى، وحدد هدفك من الكتابة، ستجد نفسك تقدم المحتوى في الإطار الصحيح دائمًا.

أدعوك إلى البحث عن الدائرة الذهبية “Golden Circle”، وهي تتحدث عن كيف نحتاج إلى البدء من إجابة سؤال “لماذا”. أؤمن بأنّ الدائرة الذهبية هي منهج يمكنني السير عليه في كل شيء أفعله لا الكتابة فقط.

أيضًا في كل مقالٍ تكتبه، سواء ستحصل على مقابل مادي أم لا، سواء كان المقابل قليل أم كبير، كن حريصًا على إضافة قيمة حقيقية للقارئ. لا تكتب مقالًا دون التفكير فيما سيحصده قارئك، ولا تستهدف أن تحبك محركات البحث وتنسى القارئ.

في جميع الموضوعات التي نكتبها، توجد قيمة يمكننا تقديمها للقارئ، وهذه القيمة ستجعله يحبك كثيرًا بالمناسبة، وسيعود لقراءة موضوعاتك أنت دونًا عن البقية.

4. اقتل خوفك من أي شيء

في رحلة كتابة المقالات، ستواجه الخوف من العديد من الأمور. ستخاف من:

  • الانتظار حتى يُجاب على مقالاتك.
  • الرفض لبعض الأفكار والمقالات.
  • المثالية التي تخبرك أنّ ما تقدمه ليس كافيًا.
  • السخافة والهجوم ممن لا يؤمنون بما تقدم.
  • التقليل وأقوال مثل أننا لن نقرأ كل هذا الكم.

في رحلتك الخوف موجود، لكن اقتله تدريجيًا ولا تسمح له بالسيطرة عليك أبدًا، ولا تخشى شيئًا سوى من التوقف وعدم الحركة.

5. لا توجد حدود لقدرات الكاتب على الإنجاز

في بدايتي مع تسعة كنت أنتج عددًا كبيرًا من المقالات، وهذه كانت من تجاربي الأولى في عالم المقالات. في منتصف الطريق ظننت أنني فقدت القدرة على ذلك. في 2020 عملت مع مجلة الرجل، وكنت معتادًا على كتابة 2000 كلمة يوميًا موزّعة على 3 مقالات أو مقالين. رغم هذا الكم كنت قادرًا على الإنجاز.

في الحقيقة من أهم ما تعلمته في الرحلة، أنّه لا توجد حدود لقدرات الكاتب على الإنجاز، بل أنت قادر على فعل أي شيء، ما دام بإمكانك تحويله إلى روتين في حياتك تمارسه باستمرار.

6. اصنع لنفسك روتين للكتابة

من تجربتي مع الكتابة، الفارق بين “الكاتب المحترف: الذي يمارس الكتابة كمهنة”، وبين “الكاتب الهاوي: الذي يمارس الكتابة من قبيل الحب”، هو أنّ الأول يفعل ذلك بطريقة منظمة، ويحرص على الممارسة الدائمة والممنهجة.

لذا، عمل روتين شخصي للكتابة والالتزام به، يجعلك قادرًا على إنتاج المحتوى مهما كانت التحديات. ستجعل عقلك أكثر تركيزًا والتزامًا، وستترك جانبًا أي أفكار أخرى قد تسيطر عليك.

بالنسبة لي عندما كنت ألتزم بنظام الكتابة، كنت قادرًا على كتابة أعداد كبيرة من المقالات. وعندما أخرق هذا النظام أو أسمح لأي شيء بالتأثير عليه، كنت نادرًا ما أنجز مقالًا واحدًا خلال الأسبوع.

روتين الكتابة قادر فعلًا على تغيير مسيرتك الكتابية، وستندهش من حجم الإنجاز الذي تقدمه حقًا.

7. لا تضع حدود لما يمكنك تقديمه

من الأسئلة الدائمة التي أتلقاها في كتابة المقالات هو سؤال: هل سأكون قادرًا على الكتابة في هذا الموضوع؟ أو أحيانًا يُصاغ الكلام بصورة استسلام أنني لن أكون قادرًا على الكتابة في موضوعات معينة.

في الحقيقة ما تعلمته أنّ الكاتب الجيد باحث جيد، يمكنه الكتابة في أي موضوع، لكنه بحاجة إلى الإيمان بأنه لا حدود لما يمكنه تقديمه. بالنسبة لي تجربة الكتابة عن الساعات السويسرية خير دليل، رغم أنّها كانت في البداية.

مؤخرًا توليت مسئولية المجتمع في عرب ووردبريس، وكنت مطالبًا بإنتاج محتوى عن الووردبريس، فأنشأت دليلًا شاملًا لتأسيس موقع على ووردبريس، وكتبت في موضوعات عدة في المجال، رغم أنني قبل البدء لم أكن أعرف عن الووردبريس سوى أنّه نظام إدارة محتوى.

لذا ثق أنه بالمزيد من المجهود في البحث، وإيمان بقدرتك على إنجاز الأمر، ستكون قادرًا على الكتابة في أي موضوع.

8. رحّب بالنقد البناء؛ بل اسعَ إليه.. وارفض النقد الهدام

يخشى الكثير من الكتاب من النقد، ويرونه أمرًا مرهقًا ولا يقبلونه. في تجربتي تعلمت أن أرحب بالنقد البنّاء، بل وأن أبحث وأسعى إليه كلّما توفرت لي الفرصة.

عندما عملت مع فضل في أراجيك، مهند وهدهود في إضاءات، جاويش في حسوب. وكنت أرى كيف أنّ كل نقد يجعل ما أقدمه أفضل، والأهم أنّه يطورني كثيرًا ككاتب مقالات، أدركت أنّ النقد نعمة حقيقية في حياة الكاتب.

في الوقت ذاته ارفض النقد الهدّام. بالنسبة لي النقد الهدام هو الذي لا يمتلك أسسًا واضحًا للنقد، ولا يساعدني على التحسين في المحتوى أو التطوير الشخصي، بل أشعر أنّ قائله لا يعرف أصلًا ما الذي يود نقده في المقال.

9. لا تثق بعينك فقط

عندما أنتهي من كتابة المقال أعرضه على سمر، فهي يمكنها رؤيته بصورة أخرى، هي القارئ هنا الذي يقدر على نقد المحتوى من زاويته. تعلمت من ذلك ألّا أثق بعيني فقط، وأن أبحث عن رؤية أخرى إضافية. لا يعني ذلك البحث عن رؤية متخصصة من ناقد، لكن البحث عن رؤية من قارئ يمكنه إخبارك بما حصل عليه من المقال، لتطور مقالك حتى تصل به إلى أفضل نسخة ممكنة.

10. ابحث عن الدعم والسند

الرحلة طويلة وصعبة، والدعم سيصنع فارقًا حقيقيًا في استمراريتك. أنا أشعر بالامتنان لوجود دعم لي، من البداية من أسرتي وأصدقائي الذين دعموا كتابتي من الصغر، ومن رفيقتي سمر التي شهدت معي الرحلة خطوة بخطوة.

11. أنت المساعد الأكبر لذاتك

رغم ذلك، عليك الإدراك أنّك المساعد الأكبر لذاتك. إذا لم ترد من داخلك أن تفعل شيئًا، فلن يحفزك الآخرون لفعله أبدًا. وازن بين البحث عن الدعم من الآخرين وبين الدعم الذاتي.

12. كن عجينة مرنة في الكتابة

علمتني تجربة الكتابة مع مواقع مختلفة، أنني بحاجة دائمًا إلى قبول ما يحاول العاملون في هذه المواقع تعليمه لي. لكلٍ منهم منهجيته وطريقته في الكتابة، ولن أقدر على التفوق معهم إلّا بالاستجابة لتعليماتهم.

لذا، كن عجينة مرنة في الكتابة، يمكنها أن تتشكل حسب من تكتب لهم، ستقلل من وقت العمل والتعديل، وفي الوقت ذاته ستقدم أفضل محتوى، وستكن خيارهم الأمثل للكتابة دائمًا.

13. اقتل أحباءك

كتابة المقالات هي قتل الافتراضات والآراء الشخصية، والاعتماد على الموضوعية فقط في الكتابة. لا انحيازات أبدًا ولا آراء تسعى لإثباتها. إذا لم تدرك ذلك فلن تقدر على تقديم مقالات تخصصية في مجالات مختلفة. لذا، اقتل أحباءك وودعهم بلا عودة.

14. غادر التجربة التي تغرب شمسها

لم أحب أبدًا التمسك بأي تجربة أرى أنّها بلغت النهاية، والنهاية هنا ليس المقصود منها شعوري بالملل مثلًا، لكن المقصود منها أنني قد قدمت كل ما يمكنني تقديمه، ولن أتطور أكثر من ذلك، أو أنّ توجه الكتابة لم يعد مناسبًا لي.

ساعدني ذلك على الاستمرارية وعدم تقديم مقالات لا أقتنع بها. عندما تشعر أنّ التجربة قد غربت شمسها، فقد حان توديعها والانتقال إلى تجربة أخرى.

15. لا تتوقف عن التعلم

في رحلة المقالات أنت تتعلم طوال الوقت، وفي كل تجربة مقال أنت تحصل على إضافة جديدة، والأهم أنّه لا يوجد حد أقصى للتعلم. في كل مرة هناك شيئًا جديدًا لتتعلمه إذا أدركت ذلك، ومهارة جديدة تضيفها لذاتك. فإن لم تفعل، سيظل مستواك كما هو وإن أنتجت ملايين المقالات.

16. الكنز في الرحلة

كنزنا نحن الكتّاب في الرحلة حقًا، في تفاصيل الكتابة ذاتها وخطواتها المتنوعة. استمتع بكل خطوة، وراقب كيف تتحول المساحة البيضاء إلى كلماتٍ تضيء ورقتك، ولا تشعر بالضيق من رحلة الكتابة، وودّع كل مقال تنشره كأنّك تودع صديق عزيز.

17. الوصول للألف يتطلب فراشة

إذا أخبرتني قبل 6 سنوات أنني سأكتب 1000 مقال، بالتأكيد ستكون إجابتي لك: هذا مستحيل تمامًا. في الحقيقة عندما كتبت مقالي الأول، اعتقدت أنني لن أجد أفكار تكفيني حتى المقال العاشر. وعندما وصلت للعاشر، شعرت أنّ الرحلة قد انتهت ولن أجد أفكار حتى المقال الخمسين، وهكذا استمر هذا الشعور يرافقني.

صدقني الأهم أن تبدأ وأن تدرك أنّ رحلة الوصول إلى الألف تحتاج إلى فراشة، تتطلب مقالًا أول يقودك إلى داخل عالم المقالات.

18. ساعد الآخرين في الطريق

أؤمن جدًا بأنّ مساعدة الآخرين في الطريق هي رسالة لا بد منها. لا تكتفِ بأن تنجح وحدك، لكن امنح الآخرين فرصة لينطلقوا في رحلتهم هم أيضًا، وفي أثناء ذلك تأكد أنّك لا بد وستستفيد من المساعدة. تذكّر ما حدثتك عنه في تجربة إضاءات الثانية؛ لم تكن لتحدث سوى بالمساعدة التي قدمتها.

19. الشغف لا يعني حب الشيء، لكنه يعني تقبله في جميع الحالات

في الكثير من الأحيان عانيت لكتابة بعض المقالات، كرهت العمل ولم أكن أحب الكتابة، شعرت بالاختناق من موعد التسليم النهائي، وكنت أغلق حاسوبي في ضيق.

كل هذا يرافقك في رحلة الكتابة، والشغف بالكتابة لا يعني أنّك ستفعل ذلك وأنت تحب كل التجارب، بل ستأتي لحظات صعبة ومرهقة، والشغف هو أن تقبل كل ذلك، وأن تستمر في العمل، وتحرص على تقديم الجودة ذاتها طوال الوقت مهما كانت التحديات.

20. تحمل مسئولية قراراتك

عندما أخبر أحدًا أنني أولّي كتابة المقالات أولوية، وأعمل تحديدًا في مقالات الإدارة والبيزنس وريادة الأعمال. يأتي الرد استنكارًا أو استفهامًا: ألا يؤثر ذلك على عدد فرص العمل المتاحة؟

لكنني أؤمن بأنّ لكل شيء ميزة وعيب، فالميزة هي أنّه يجعلني أكثر قدرة على الكتابة في المجال، فأتمكن من تقديم محتوى نوعي بجودة عالية. أمّا العيب فهي أنّه يحصرني في مساحات محددة.

على كلٍ الشيء الذي أشاركه مع الجميع هو، سواءٌ اتخذت القرار بالتخصص أو عدمه، فالأهم هو إدراك مسئولية قرارك، وتحمل التبعات لاحقًا، دون إلقاء اللوم على أحد.

21. في الأصل كان المحتوى

عندما بدأت في مجال المقالات لم تكن لديّ أي علاقات حرفيًا، وفي الوقت ذاته لم يكن سهلًا الوصول لتجمعات الكتابة. أي شخصٍ من الصعيد يواجه هذا التحدي غالبًا، لكنني آمنت وقتها بأنّه لا سبيل لأتميز سوى بالمحتوى.

في الحقيقة أصبح هذا منهجًا بالنسبة لي، عندما أركّز جهدي في تقديم محتوى قوي، يساعدني ذلك على إدراك فرص جديدة. نعم العلاقات مهمة، لكن في الأصل هو المحتوى ما سيساعدك على بناء مكانتك.

22. يمكنك أن تكون مثل الجميع، ويمكنك أن تبحث عن التميز

أخيرًا يا صديقي، يمكنك أن تكون مثل الجميع، ويمكنك أن تكون متميزًا. التميز يحتاج إلى الجهد المستمر، لكن صدقني سيؤتي ثماره حقًا. أكثر مقال أفتخر بكتابته هو مقال ظللنا نعدّل عليه لمدة شهر، وكُتب 3 مرات تقريبًا من ناحية بناء المقال، إلى جانب التعديلات الكثيرة على متنه.

لكن اليوم عندما أنظر إليه أشعر بالسعادة فعلًا، وأقول لنفسي أنّ سلفادور دالي الفنان لم يخطئ عندما قال جملته: “لا توجد تحفة فنية تُصنع بواسطة فنان كسول”. فنحن دائمًا بحاجة إلى بذل الجهد لنكون متميزين حقًا، والكسل لا يصنع عملًا مبدعًا مهما كانت الموهبة.

رابعًا: ماذا بعد الألف مقال؟ مرحبًا بالمزيد من التجارب

في الحقيقة أؤمن أنّ كتابة المقالات بالنسبة لي هي رحلة مختلفة؛ فهي طريقتي لمحاولة إثراء المحتوى العربي، وهي الرسالة التي آمنت بها من اللحظة الأولى للكتابة، وأدركت أنّه لا بد وأن يكون لي دورًا كبيرًا فيها.

لذا، أظن أنني سأستمر في هذه الرحلة، لكنني سأحاول أن أخذها إلى أبعاد أكثر تخصصية وفائدة، بهدف التركيز على مساعدة صناع المحتوى للنمو في هذا المجال، وفي هذا الصدد يسعدني الإعلان عن الإطلاق القريب جدًا لـشركة “محتواك”.

لكنني لن أزعجك بالمزيد من الأحاديث الآن، الآن هو وقت الاحتفال، هلّا شاركتني ذلك في التعليقات؟

Published inالرحلة

10 Comments

  1. ملك أحمد ملك أحمد

    قصة ملهمة، خصوصًا بالنسبة ليّ عندما استشعر أنه يوجد من هو مثلي من الصعيد يعيش في نفس البيئة، وحقق فعلًا النجاح في تجربته الخاصة، وأنه يستطيع أهل الصعيد تحقيق النجاح، إذا أنا استطيع تحقيقي نجاحي الخاص في تجربتي، بالتوفيق أ. معاذ الله ينفع بيكِ ..

    • معاذ يوسف معاذ يوسف

      أنا واثق كمان إنك هتقدري تصنعي تجربة أفضل وأقوى يا ملك. ومبسوط حقيقي بكلامك ده، فرحتيني جدًا.

    • ميرا سمير ميرا سمير

      من أغرب اللحظات التي تعتريني هي تلك اللحظة التي انتهي فيها من قراءة مقال أو منشور دسم وطويل بعض الشيء، ولكنني لم أترك فيه إنش واحد لم أقرؤه، هذا المقال من ضمن سلسلة الغرائب التي أتحدث عنها، ويجب أن نكون فخورين بشخصٍ مصريّ لديه رسالة سامية لإثراء المحتوى العربي، أدركتُ الآن أن الاهداف السامية والكبيرة هي التي تدفع الانسان إلى الانجازات العظيمة، بارك الله فيك أستاذي معاذ وبارك في زوجتك الصدوق،، وجعل الله لك ألفاً من الاضاءات يوم القيامة. 🌻

      • معاذ يوسف معاذ يوسف

        ربنا يخليكي يا ميرا والله على تعليقك الجميل ده، أسعدتيني جدًا جدًا والله. اللهم آمين يا رب وإياكي أضعاف يا رب العالمين.

  2. كذلك أنا سألت نفسى هل سأجد مقالات أكتب فيها وأكثر الموضوعات الكثير تحدث عنها بجانب انتشار الموضوعات كمحتوى مرئى ومسموع وخصوصا البودكاست أصبحت الناس ترنو اليه كثيرا
    ولكن سأتخد هذا المقال دعما لى كتحدى للوصول الى ١٠٠٠مقال
    فانا ادرس حاليا كورس كتابة المقالات وكتبت مقالا واحد وأنتظر النقد من المحاضر
    وعسى أن يكتب الله لى التميز فى هذا المجال

  3. nahla nahla

    معاك حق في كُل حاجة قولتها، وفعلًا رحلة ممتازة ورائعة، برافو عليك ربنا يوفقك دائمًا وفي انتظار مقالات أكثر تخصصًا ليك، وأتمنى أبدا زيك رحلة كتابة المقالات قريبًا

  4. يوسف يوسف

    مشوار جميل.. بالتوفيق الدائم.. استفدت من مقالاتك المنشورة هنا.. ممكن بعض النصائح لكتابة المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

© معاذ يوسف 2024