البوصلة مزيج القيم والمبادئ والأفكار المحركة لأفعالي، أنطلق منها في رحلتي، ولأنها مرجعيتي الأساسية لا مجرد كلمات نظرية، ستجدني أرفق مثالًا واضحًا على كل جزئية.
تقديم حلول لا بيع خدمات
أؤمن أن ما أقدمه هو حل فعلي، يساهم في مساعدة العميل على التعامل مع مشكلة ما يواجهها، أو تحقيق فائدة معينة يبحث عنها، وبالتالي لا أحاول أبدًا بيع خدماتي له مباشرةً، إنما أحاول التأكد من أن ما أقدمه هو الحل المناسب فعلًا، وإن لم يكن كذلك أخبره بصدق.
حدث هذا معي في تجارب متعددة على رأسها التدريبات التي أقدمها مع شركتي محتواك. عندما يتواصل أحد زملائي معي للسؤال عن تدريب معين، أناقشه ابتداءً في جدوى التدريب له، وإذا هو خياره المناسب أصلًا أو لا، ونناقش جميع الاعتبارات المختلفة مثل المستوى والتكلفة وتوقيت التدريب في رحلته، وكثيرًا ما كانت نصيحتي لهم بعدم الاشتراك في التدريب لعدم ملاءمته لاحتياجاتهم حاليًا.
أمّا عن خدمات المحتوى الأخرى، فعندما يطلب العميل خدمة معينة، أناقشه في تفاصيل احتياجاته، وأخبره إذا الخدمة غير مناسبة له، بل وأوجهه إلى صنّاع محتوى آخرين يمكنهم تقديم ما يحتاجه إذا لم أكن الشخص المناسب للتنفيذ.
المثابرة والالتزام
“هل فكرت يومًا في العمل على محتوى لمدة شهر متواصل؟”
أنا لا أمل من المجهود المبذول طالما في سبيل تحقيق نتيجة أفضل، ولا أجد أفضل من مقال كتبته عن شركة أوبر بعنوان: (أوبر: هل ستصل إلى الربحية يومًا ما؟) دليلًا على هذا الأمر.
كتبت هذا المقال على مدار شهر كامل، تقريبًا عملت عليه يوميًا، ابتداءً نسخته الأولى رفضت كليًا وكانت حوالي 2500 كلمة، والنسخة الثانية قُبلت لكن مع تعليقات كثيرة على بعض التفاصيل في المحتوى، والنسخة الثالثة قُبل محتواها لكن مع تعليق على السردية وكيفية الوصول إلى أفضل بناء للفكرة.
كأي صانع محتوى يمكن أن تصيبك هذه التعديلات بالإحباط الشديد، وهذا حدث فعلًا في كل مرة، لكن الحقيقة أن المثابرة في تنفيذ التعديلات ساعدتني في التغلب على مشاعري والوصول لأفضل نتيجة، ووصلنا في النهاية إلى حوالي 5500 كلمة.
كل تعديل علمني شيئًا مختلفًا، والنتيجة النهائية هي مقال وصفه صديقي ومديري مهند حامد شادي بأنه أفضل ما كُتب عربيًا في هذه المساحة، وبفضل هذا المقال وصلتني العديد من فرص العمل في كبرى المنصات العربية.
الانفتاح على التجارب
“مش يمكن لما أجرّب أطلع بعرف؟”.
والحقيقة أنني بجانب هذه الفكرة، أؤمن أيضًا: “مش يمكن لما أجرب فأعرف فعلًا؟”. والفارق بينهما أنني في الأولى أجد لديّ القدرة، أمّا الثانية فهي إيماني بأنه يمكنني التعلم للوصول إلى هذه القدرة.
لذلك انطلاقًا من هذه الفكرة، فأنا منفتح دائمًا على التجارب المختلفة، لا مشكلة لديّ في الدخول بتجارب جديدة، وهذا كان شعاري الأساسي منذ بدأت عملي في المحتوى، وفخور بكل التجارب التي دخلتها سواءٌ نجحت أو لا، فكل واحدة تعلمت منها الكثير.
أمّا المثال الأوضح على ذلك هو عملي مديرًا للمجتمع في مشروع عرب ووردبريس في نهاية عام 2021، وهو مشروع متخصص في إنتاج محتوى عن نظام الووردبريس.
وقع الاختيار عليّ لهذا المشروع لخبرتي في إدارة الفرق وكذلك كتابة وتحرير المقالات. والتحدي الأساسي الذي واجهني بالطبع هو نقص المعرفة عن الووردبريس، غالبًا لم تكن لديّ سوى معلومات سطحية، وبعضها لم أكن أفهمه بطريقة صحيحة.
رغم هذا التحدي قبلت المشروع، وبدأت في التعلم عن الووردبريس، والحمد لله وصلت إلى مستوى جيد في المعرفة عن هذا المجال، وكانت تجربة مميزة في رحلتي.
التعلم النشط ونشر العلم
التعلم في مجالنا أمر مهم، وهي ليست خطوة مرحلية بل هي أسلوب حياة. وانطلاقًا من انفتاحي على التجارب، فإن التعلم لا بد وأن يرافقني في كل خطوة، وألّا يتوقف استثماري في نفسي أبدًا، فهذا ما يساعدني على اكتساب المعرفة المناسبة لخوض هذه التجارب.
وهنا لا أكتفي فقط بالتعلم السريع أو النظري، بل أحرص على التعلم النشط دائمًا، مثلًا في تجربتي مع الووردبريس، ما فعلته هو التسجيل في دورة تعليمية على منصة يوديمي، دورة مدتها 9 ساعات، لكنها أخذت مني تقريبًا شهر كامل، لماذا؟ السر في ذلك هو المنهجية التي أتبعها في التعلم:
- مشاهدة مقطع من الدورة التدريبية.
- التطبيق العملي على جميع المفاهيم والأفكار الواردة في المقطع.
- تسجيل ملاحظاتي حول هذا المقطع وتجربة التطبيق.
- البحث أكثر وراء الجزئيات التي أحتاج فيها إلى المزيد من المعرفة.
وكررت هذه الخطوات مع بقية المقاطع حتى أنهيت الدورة، ووثقت ما تعلمته بإنشائي لموقعين أحدهما موقعي الشخصي هذا، كأنه مشروع تخرج من التدريب، لضمان أقصى استفادة من عملية التعلم.
كما أنني أحب نشر ما تعلمته ومشاركته مع الآخرين، انطلاقًا من كون “زكاة العلم نشره”، وفي مثالنا هذا بمجرد ما أنهيت الدورة التدريبية، كتبت مقالًا عن إنشاء موقع ووردبريس بعنوان (دليلك الشامل إلى إنشاء موقع ووردبريس خطوة بخطوة دون خبرة برمجية).
البناء والابتكار
“هل يمكننا تطوير منهجية وتقنيات متخصصة في النقاش؟”.
أحب دائمًا رحلات البناء والابتكار في الأفكار التي أطلقها أو أعمل عليها، والتفكير فيما هو أبعد مما نراه حاليًا. أنطلق في فعل ذلك من طرح الأسئلة، فهي المحرّك لهذه العملية.
بدأت رحلتي مع البناء والابتكار في أول عمل أسسته “دوشة كتب”، قامت هذه التجربة على فكرة بسيطة وهي مناقشة الكتب، وبعد عام تقريبًا من عملنا طرحنا سؤالًا مهمًا: هل يمكننا التطوير في تجربة النقاش؟
ومن هنا انطلقنا في البحث والتطوير لشهور، وتوصلنا إلى الابتكار المناسب في التجربة، ألخصه في النقاط التالية:
- ألّفت كتابًا عن النقاش استخدمناه مرجعًا في إدارة النقاش.
- أطلقت تدريبًا متخصصًا في النقاش، ونفذناه 10 مرات، وحقق نجاحًا رائعًا وصنع فارقًا حقيقيًا في حياة من حضروه.
- طورنا موضوعات النقاش نفسها، وقسمناها إلى تجمعات متنوعة بأفكار مختلفة.
الدعم والتأثير العميق واللين
“كثيرون حول النجاح، قليلون حول الرحلة، وأنا اخترت موقعي أن يكون حول الرحلة”.
أحب تقديم الدعم والمساندة لزملائي صنّاع المحتوى، ولكنني أضيف إلى ذلك مبدأ التأثير العميق، كيف؟
- التوجيه: أعتمد على التوجيه المكون من عدة لقاءات، لأن ذلك يتيح لي الدخول في تفاصيل رحلة صانع المحتوى أكثر، وتقديم الدعم المركز القائم على فهمي لاحتياجاته.
- التدريب: أفضّل الموضوعات المحددة لا التدريبات العامة، وكذلك العمل مع عدد معين في التدريب، لأن ذلك يتيح لي التركيز مع كل شخص على حدة.
وبالطبع في كل ذلك لا أنسى أبدًا اللين والرفق في المعاملة، واستيعاب التحديات التي يمر بها كل صانع محتوى، فما دمت قررت العمل معهم في رحلتهم، فعليّ أن أفعل ذلك بالطريقة الصحيحة.
الأصالة
“المحتوى العربي ضعيف، هذا صوت النقد. لنطور المحتوى العربي، هذا صوت العمل”.
ستقرأ كثيرًا عن الجودة السيئة للمحتوى العربي على الإنترنت، وهذه حقيقة لا أنكرها بالطبع، لكن ماذا بعد النقد؟ من هنا انطلقت رحلتي في كتابة المقالات؛ إيمانًا مني بأهمية إثراء المحتوى العربي والتركيز على العمل لا النقد.
وبالطبع لا سبيل لتطوير المحتوى وإثرائه سوى بالأصالة فيما أنتجه. لا أكتب مقالًا مثل الموجود حاليًا، صحيح أننا لا نعيد اختراع العجلة، لكن في الوقت ذاته توجد دائمًا مساحة للإضافة في كل مقال، وتقديم محتوى بجودة عالية.
لذا، أحرص دائمًا على إنتاج مقالات مختلفة مهما كلفني ذلك من جهد، ليس عربيًا فقط، بل وفي بعض الأحيان أحرص على تقديم مقالًا لا يوجد مثله في المحتوى الأجنبي، على الأقل لحظة كتابتي للمقال ونشره إلى العالم.